الجمعة، يناير 20، 2012

القيادة للحرية


 بقلم: مفاز السويدان
 Twitter | @MafazAlSuwaidan



في السعودية قيادة المرأة للسيارة محرم .. منال الشريف تحدت هذا العرف عن طريق الامساك بالمقود و القيادة و تصوير نفسها فأصبحت هوس في اليوتوب .. في مقابلة حصرية مع مجلة ماكلنج منال الشريف تتحدث عن تجربتها في القيادة و الاعتقال بعدها ..

 بعد تحويلها للسجن النسائي في الدمام .. منال الشريف افترشت عبائتها على الأرض و نامت .. سعودية من مدينة مكة ذات ٣٢ عاماً   ام عزباء لولد واحد "مطلقه" و مهندسة، اطلقت مبادرة قيادة المرأة للسيارة في مايو ٢٠١١ .. كانت المبادرة محاولة لإستهداف وصمة العار الاجتماعية لقيادة المرأة للسيارة في المجتمع المحافظ في السعودية .

لا يوجد في هذه الدولة الخليجية "السعودية" نص قانون مكتوب يمنع قيادة المرأة للسيارة ولكنها تمنع اصدار رخص للقيادة لهن .. و حتي مع الرخصة الدولية قد تتعرض المرأة للتوقيف و الغرامة لقيادتها السيارة في المملكة العربية السعودية ..
مع أن النساء قدن السيارات قبلاً، الا أن حجم الإهتمام لقيادة الشريف السيارة و اعتقالها لاحقاً غير مسبوق "كنت أعلم انها مخاطرة كبيرة لكن لم اتوقع حدوث هذا"،
كانت محادثة مع زميل التي وضعت الوقود علي النار ..كانت الشريف تتذمر له منذ مدة عن منع القيادة و أمنيتها في قدرتها على قيادة السيارة .. ابلغها بعدم وجود قانون يمنع القيادة "فبحثت عن الموضوع و شعرت كأن شخصاً ما صفعني" تقول الشريف "و إذا لم يمنعنا النظام لماذا لا نقوم بذلك و نقود؟" احياناً اصرخ من الغضب من فرض المجتمع حظر القيادة علينا ..
هذا الإحباط كان الشرارة التي أشعلت مبادرة قيادة المرأة للسيارة فإتحدت نساء سعوديات يافعات من جميع أنحاء السعودية على أمل تغيير ظورفهن، عقدوا إجتماعات على الإنترنت و إستخدموا وسائل الإعلام للفت الإنتباه الى قضيتهن، أصدرت المجموعة بيان على صفحتهم في الفيسبوك و تويتر معلنين فيها عن اهدافهم و سماتهم و أدلتهم ..



|مبادرة سأقود سيارتي بنفسي|

تقول الشريف "ما بدأناه كان مبادرة و ليس حملة لأننا كنا نضغط على قرار إجتماعي و ليس قانون أو معتقد ديني" و أضافت "نريد أن تعلم النساء أن قيادة السيارة ليست مخالفة للقانون و لا للشرع" .

الشريف و زميلاتها يرون أن قيادة المرأة واحدة من أهم المشاكل التي تواجة النساء في السعودية "لا نستطيع المشئ في مدننا" و تضيف" و لا يوجد أي نوع من أنواع النقل العام"، لذلك اطلقوا نداء في تاريخ ١٧ جون الذي حددته المبادرة لجميع النساء الاتي يحملن رخص قيادة سارية أن يخرجن للقيادة ليس في مظاهرة ولكن يخرجن لقضاء حوائجهن اليومية .

تقول الشريف "نحن قادرات على النجاح لثلاث اسباب، أولاً أننا استخدمنا المواقع الإجتماعية، و ثانياً أننا نساء ظهرنا بأسماؤنا و صورنا و إستلمنا القيادة في القضية مع دعم الرجال لنا في الظل، و ثالثاً قمنا بتحديد تاريخ معين إذن نحن جادون فعلاً"


|سوف نقود|

بعد إطلاق النداء للقيادة في تاريخ ١٧ جون، إنهلت علينا الأسئلة و الإتهامات، بدأ الناس بالتساؤل عن المجموعة و أهدافها و لماذا إختاروا هذا التاريخ تحديداً و إن كانت المبادرة قانونية، و عندما لاحظت عضوات المبادرة أن الناس لم يستطيعوا قراءة كل ما نكتبه على الإنترنت قررنا إطلاق شئ يسهل مشاهدته و فهمه.

هذا عندما أصدرت منال الفيديو الأول تقول الشريف"جمعنا جميع الأسئلة المهمة و المكررة التي سألها الناس و أجبت عليها" و أضافت "لم أدون إجاباتي مسبقاً بل تحدثت من القلب" صورت الشريف الفيديو في الساعة ٥ صباحاً من منزلها في الظهران وهي محجبة بالحجاب الإسلامي الذي يغطي شعرها و تحدثت مبتسمة و بصوت هادئ بدأت بالتعريف عن نفسها و إختتمت البيان ذو السبع دقائق و نصف بتصريح أصبح شهيراً" كل الحكاية انو إحنا حنسوق".
تقول الشريف "العديد من الأشخاص ذكروا هذا العبارة لي" قلتها لأوضح لهم أنها ليست بالحجم الذي تتصورونه .

|فيديو انتشر كالفايروس|

قادت الشريف سيارتها مرتين قبل ١٧ جون لتشجع النساء على أن يكن جزء من المبادرة، مرة في يوم الخميس ١٩ مايو و مرة اخرى في الأحد ٢١ مايو، كانت المرة الأولى ملهمة من قبل السيدة نجلاء الحريري-٤٥سنه- التي صرحت قبل أسبوع من قيادة منال بأنه تقوم بتوصيل إبنها للمدرسة بنفسها عند عدم توفر السائق .

"تحدثت مع أخي و قلت له أني سوف أفعل شيئاً جنونياً فسألني ماهو فقلت "سوف أخرج و أقود سيارتي" فقال "أنا قادم معك لأصورك" إحتاجت شخص ما ليوثق قيادتها بالفيديو لكي يتم استخدامه كنوع من التشجيع في المبادرة الإلكترونية .

تقوم الشريف عادةً بشراء حاجيات المنزل في يوم الخميس، قررت أن لا تستقل تاكسي للمتجر، في الصباح تأخر أخوها-٢٨سنه- في النوم، لم يكن لديها أحد ليصورها، هذا عندما قامت بالاتصال بالناشطة في حقوق النساء منذ زمن طويل وجيهه الحويدر التي سبق أن إلتقتها منال مرة واحدة و طلبت منها ترك جميع إرتباطاتها لترافقها و تصورها وهي تقود، وافقت الحويدر و أصبحت الصوت الثاني في الفيديو الذي تمت مشاهدته ٧٠٠,٠٠٠ مرة في يوم واحد .

تقول الشريف "قابلتها الساعة ١٢ ظهراً و خرجنا سوياً أنا قدت وهي تصورني"
قام فريق مبادرة "سأقود سيارتي بنفسي" بتحميل الفيديو على اليوتوب في اليوم الثاني، و تفاجأت الشريف بتصدر الفيديو أكثر الفيديوهات متابعة في العالم ذلك اليوم، "أحد الزملاء أتي إلي وقال : منال شاهدت الفيديو. قلت : حسناً ؟ فقال: إنه أكثر الفيديوهات متابعة في العالم" لم أصدق ذلك .

|قلت لأخي أني أريد القيادة و المرور أمام سيارة شرطة|

بعد يومين أرادت الشريف الخروج مع إبنها ذو الست سنوات و عائلتها لتناول الغداء في مدينة الخبر حيث يقيم أخوها "أخبرت أخي أني أريد القيادة و المرور أمام سيارة الشرطة" كانت تريد معرفة كيف سوف يتعاملون معها، أوقفتها سيارة الشرطة وصفت الشريف رجل الشرطة بالرجل المهذب، كاد أن يجعلها تذهب بعد إعطائها مخالفة إلا أن شخص ما رآها و إتصل بالهيئة، أوقفت الهيئة منال و عائلتها في الشارع لمدة ساعتين، قاموا بإستجوابهم و السخرية منهم، ثم اخذوها مع أخيها لمركز الشرطة و إستدعوا لمخابرات السعودية، "في الساعة ١١ مساءً أجبروني على توقيع تعهد ثم سمحوا لي بالمغادرة" و أضافت "في الساعة ٢ بعد منتصف الليل حضروا إلي منزلي و أخذوني و في الساعة ٤:٣٠ فجراً عدت مجدداً لمركز الشرطة و خضعت لسبع ساعات متواصلة من التحقيق بدون السماح لي بالتواصل مع محامي" في الساعة ٢ ظهراً تم نقلها لسجن النساء بدون تبليغها عن وجهتها و بدون توجيه أي تهمة لها "أنا مهندسة و مستشارة و إبنة عائلة محترمة و فجأة أجد نفسي في سجن مع من إرتكبن جرائم" 



|تسعة أيام في السجن|

بعد نقلها إلى سجن النساء في الدمام إنقطعت الشريف عن العالم الخارجي "كنت معزولة تماماً عن العالم، مؤلم جداً الحديث عنه، لم اتحدث مع أي أحد عن الأمر"، عدت الشريف ١٦٧ سيدة و ١٦ طفل و ٧ زنزانات في السجن الذي تعرت فيه الإنسانية، في ليلتها الأولى لم يكن لديها مكان لتنام فيه "نمت على الأرض في أول يوم، إفترشت عبائتي و نمت عليها"، عندما حضر مدير السجن لإستلام أوراقها كان فضاً و مهيناً معها، قلت له " أريد فقط الإتصال بإبني و الحديث معه" كان هناك هاتف بجانبه، كنت أبكي و أقول "أرجوك إرحمني و دعني أتحدث مع طفلي".

يقدر أن ما يقارب المليون ومئتا ألف شخص حول العالم قاموا بتغيير صورهم الشخصية إلى صورة منال دعماً للمطالبة بحريتها، ربط صورة وجه منال مع ثورة النساء في الشرق الأوسط جعلت البعض يشير لها بأنها النسخة النسائية من تشي جيفارا، "بقيت مرتدية عبائتي تسعة أيام و كانت النساء في السجن يطلبن مني خلعها و رفضت قائلة إني سوف أخرج اليوم" تم إطلاق سراح منال بكفالة في  ٣٠ مايو.

|١٧يونيو|

ترك إعتقال منال و ما لحقة من عواقب،  الرفض الإجتماعي و الإشاعات المنتشرة بكثرة و القيل و القال فريق المبادرة في خوف من عدم إستجابة النساء للإنضمام و التفاعل للقضية، و تفاجأوا بأن إعتقالها فجر القضية، مائة سيدة أعلنت عن قيادتها في ذلك اليوم و ٤٠ إمرأة قاموا بالتصوير أنثاء القيادة و نشره في اليوتوب.

تقول منال " قالت لي إحدى الفتيات "ذهبت لأرى السجن الذي قد يأخذوني إليه، و جهزت ملابسي لذلك، ليفعلوا ما يشاءون فعله، لن اتسامح مع الظلم و نساء أخريات أخبرنني أن ما حدث جعلهن يميزن الظلم بوضوح، كانت صيح. إيقاظ للنساء السعوديات".
مع أنها ما زالت مطاردة من اللحظات التي قضتها في السجن الا أن الشريف تقول بأنها غير نادمة " لو كنت أعلم في وقتها العواقب قد اتراجع ولا أفعلها و لكني فعلتها بدون خوف و بدون تفكير، فقط فعلتها" و أضافت "غادرت السجن مرفوعة الرأس، لم أشعر بالخجل".

في بلد غير مسموح بالمظاهرات و العصيان المدني إعتقال منال الشريف أثار جدلاً "المجتمع مقسوم من النصف بشأني، البعض يقول نحن ندعم قيادة المرأة ولكن ليس بالطريقة التي تطالب بها منال، هناك قول لمارتن لوثر كينج يعجبني يقول 'تأجيل الحق هو نفي للحق' دائماً يقولون لنا لم يحن الوقت المناسب بعد .
و قامت الشريف بالمقارنة بين وضع السعودية  و الدول المجاورة لها كالإمارات حيث أشارت إلى أن كلتا الدولتان محافظة ولكن لم تواجه النساء المشاكل في القيادة هناك، "إنه محرم" تقول "إذا تحدثت عن قيادة المرأة فكأنك تتحدث عن الشيطان أو الكُفر، كنا نحتاج لنساء قياديات ليتحدثن عن هذا الموضوع المحرم، فكان علي التقدم و فعل ذلك بنفسي .

كتبت فوربس مؤخراً مقال بعنوان "ماذا يستطيع متظاهروا إحتلوا وول ستريت التعلم من النساء السعوديات" تقول الشريف إنها سبق أن تمنت ذلك، بدل أن تكون النساء السعوديات محط شفقة العالم يصبحن مركز الهام للعالم، عندما قرأت المقال علمت أننا حقاً ألهمنا العالم .



ترجــمة المقــال : هتون آل رشيــد
 Twitter | @Hutoona

مصــدر المقـــال :

http://issuu.com/mcclungs/docs/mcclungswinter2012?mode=window&pageNumber=1

هناك تعليق واحد:

  1. فديت قلبك اسمك بيظل محفور في الذاكرة للاجيال القادمة...امرأة حرة وروح حرة لايملكها الكثير من نساء بلدي...

    ردحذف