الأربعاء، يناير 25، 2012

من أجل عائشة


في عاصمة النفط حيث الغبار يلف كل شيء حتى القلوب، ألتقيت عائشة للمرة الأولى. لم أرى منها إلا العينين التي أطفأت الحياة فيها سنين عجاف . كان معها ابنتيها وسأمنحهن أسماءً مستعارة (ارادة) ذات الأربعة عشر ربيعاً و(اباء) ذات الثلاثة عشر ربيعاً.

حين تكلمت، شعرت أن هموم الدنيا تكالبت على قلبها وسرقت صوتها المنتفض كعصفور أنهكه المطر. عائشة ليس لها من اسمها نصيب، فهي معلقة منذ أكثر من عشر سنين (فلا هي متزوجة ولامطلقة). زوجها يدعي التدين لكنه لايعرف من الدين غير لحية وثوب قصير، تركها لصروف الدهر وتزوج أخرى. وحين بلغت ابنتاها (ارادة واباء) العاشرة والحادية عشرة أصر أن يزوجهما. ولأن القوانين في وطني لاتنص على سن قانونية للزواج وقفت وحدها في وجه الظلم لتبطل مشروع الزواج وأختارت أن تنذر حياتها لتحمي ابنتيها. تعيش وحيدة على ما يجود به أخوتها الرجال، لأنها لم تستطع أن تعمل في أي مكان حيث شرط موافقة (ولي الأمر) أو (ولي القهر) كانت شوكة تغرز في ظهرها لتبعدها كل مرة.

ارادة واباء ليستا فتاتين عاديتين، جمعتا الذكاء والفصاحة والشجاعة وحتى حب الإختراع. حلمهن أن يكن ضمن برنامج الإبتعاث بعد الثانوية. لكن عائشة لا تملك أوراقهن الثبوتية ولا جواز سفرهن ولن يستوفين شرط وزارة التعليم العالي (محرم المبتعثة) لأنه لارجل في حياتهن. لذلك ستظل أحلامهن حبيسة قيود (قانون الأسرة )الغائب والذي كان سيعطي الأم حق الوصاية لو كان ذلك القانون موجوداً..

الشاهد في مقالي هذه القصة:
قبل عامين تقدمت عائشة، كما روت لي، لأمارة الرياض بطلب أن يؤذن لها بالقيادة لحاجتها ولعدم وجود مواصلات عامة في مدننا، ولتعرضهن لمضايقات وصلت لمحاولة الإختطاف حين يقفن في الشارع بانتظار سيارة أجرة. تم رفض الطلب وقالوا أذهبي لوزارة الداخلية فهي المعنية بالأمر. لكن أكتشفت أن عليها أن تسافر لمدينة جدة، فعادت خالية الوفاض. وتمر الأيام وتتكشف الحقيقة حيث عرفت أن لا قانون يمنعها من القيادة، وأن المسؤولين ما فتؤوا يرددون في كل مناسبة أنها شأن اجتماعي، على الرغم من عدم توفير آلية يحدد بها المجتمع توجهاته ورغباته في ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني. وحين حصلت حادثتي الشهيرة تقول: "أفزعني الظلم واستيقظت بعد تغييب قصري أن حرية التنقل من أبسط حقوقي". تمكنت أن تشتري سيارة بالتقسيط فالقانون لايمنع أن تتملك المرأة السيارة لكن نفس القانون لايحميها إن قادتها. قامت بتظليل السيارة بالكامل ودفعت لامرأة سودانية تعلم النساء القيادة لتعلمها وابنتيها. الوحيدة التي امتلكت الشجاعة لتقود في شوارع الرياض المزدحمة كانت اباء. ورغم أنها طفلة لم تتجاوز الثالثة عشرة، لكنها من تقوم حتى اليوم بمسؤولية قضاء المشاوير اليومية لعائلتها الصغيرة. حكت لي اباء عن نظرات الجيران حين تجلس خلف المقود، وكيف يتملكهن الرعب إذا مررن بجانب دورية المرور والخوف من أن يبلغ عنهن أحد المواطنين لرجال الهيئة إذا توقفن بجانب مركز تجاري.
حين حان وقت الوداع أمسكت عائشة بيدي والدموع تملأ عينيها وقالت: " لاتتوقفن عن المطالبة بحقوق من لاصوت لها. أنتن صوتنا. أنتن أمل بناتي"

يسألني الكثيرون "من ملهمي في حياتي؟" اجابتي كانت وستظل دوماً (المرأة السعودية) . المرأة التي تربي وتتعلم وتبدع وتتفوق رغم كل المعوقات ورغم أنها في القانون قاصر من المهد إلى اللحد. المرأة التي تحمل وحدها مسؤولية الحفاظ على شرف العائلة، المرأة التي تستجدي المحارم الذكور الإذن لتدرس، لتعمل، لتتزوج، لتحصل على حق المواطنة من أوراق ثبوتية، لتخرج من بيتها، لتتنقل من مكان لآخر، لتعيش. المرأة التي حرمت من اسمها لأنه العيب، التي حرمت من صورتها و صوتها لأنهما العورة، التي حرمت من ابناءها لأنها ناقصة العقل والدين. المرأة التي حرمت من حياتها لأنها تموت كل يوم في سبيل أن تحيا الأعراف.

قالت لي اباء مرة: "سرقوا عمر أمي لكن لن أسمح لهم أن يسرقوا عمري".

فمن أجلك عائشة.. نحن النساء.. من سيبني وطناً يسع النساء...







تم نشره في صحيفة الحياة اللندنية
الأربعاء ٢٥ يناير ٢٠١٢

الذكرى الأولى لثورة شباب ٢٥ يناير



http://international.daralhayat.com/ksaarticle/354449


Manal.msharif@gmail.com
Twitter | @manal_alsharif

الجمعة، يناير 20، 2012

القيادة للحرية


 بقلم: مفاز السويدان
 Twitter | @MafazAlSuwaidan



في السعودية قيادة المرأة للسيارة محرم .. منال الشريف تحدت هذا العرف عن طريق الامساك بالمقود و القيادة و تصوير نفسها فأصبحت هوس في اليوتوب .. في مقابلة حصرية مع مجلة ماكلنج منال الشريف تتحدث عن تجربتها في القيادة و الاعتقال بعدها ..

 بعد تحويلها للسجن النسائي في الدمام .. منال الشريف افترشت عبائتها على الأرض و نامت .. سعودية من مدينة مكة ذات ٣٢ عاماً   ام عزباء لولد واحد "مطلقه" و مهندسة، اطلقت مبادرة قيادة المرأة للسيارة في مايو ٢٠١١ .. كانت المبادرة محاولة لإستهداف وصمة العار الاجتماعية لقيادة المرأة للسيارة في المجتمع المحافظ في السعودية .

لا يوجد في هذه الدولة الخليجية "السعودية" نص قانون مكتوب يمنع قيادة المرأة للسيارة ولكنها تمنع اصدار رخص للقيادة لهن .. و حتي مع الرخصة الدولية قد تتعرض المرأة للتوقيف و الغرامة لقيادتها السيارة في المملكة العربية السعودية ..
مع أن النساء قدن السيارات قبلاً، الا أن حجم الإهتمام لقيادة الشريف السيارة و اعتقالها لاحقاً غير مسبوق "كنت أعلم انها مخاطرة كبيرة لكن لم اتوقع حدوث هذا"،
كانت محادثة مع زميل التي وضعت الوقود علي النار ..كانت الشريف تتذمر له منذ مدة عن منع القيادة و أمنيتها في قدرتها على قيادة السيارة .. ابلغها بعدم وجود قانون يمنع القيادة "فبحثت عن الموضوع و شعرت كأن شخصاً ما صفعني" تقول الشريف "و إذا لم يمنعنا النظام لماذا لا نقوم بذلك و نقود؟" احياناً اصرخ من الغضب من فرض المجتمع حظر القيادة علينا ..
هذا الإحباط كان الشرارة التي أشعلت مبادرة قيادة المرأة للسيارة فإتحدت نساء سعوديات يافعات من جميع أنحاء السعودية على أمل تغيير ظورفهن، عقدوا إجتماعات على الإنترنت و إستخدموا وسائل الإعلام للفت الإنتباه الى قضيتهن، أصدرت المجموعة بيان على صفحتهم في الفيسبوك و تويتر معلنين فيها عن اهدافهم و سماتهم و أدلتهم ..



|مبادرة سأقود سيارتي بنفسي|

تقول الشريف "ما بدأناه كان مبادرة و ليس حملة لأننا كنا نضغط على قرار إجتماعي و ليس قانون أو معتقد ديني" و أضافت "نريد أن تعلم النساء أن قيادة السيارة ليست مخالفة للقانون و لا للشرع" .

الشريف و زميلاتها يرون أن قيادة المرأة واحدة من أهم المشاكل التي تواجة النساء في السعودية "لا نستطيع المشئ في مدننا" و تضيف" و لا يوجد أي نوع من أنواع النقل العام"، لذلك اطلقوا نداء في تاريخ ١٧ جون الذي حددته المبادرة لجميع النساء الاتي يحملن رخص قيادة سارية أن يخرجن للقيادة ليس في مظاهرة ولكن يخرجن لقضاء حوائجهن اليومية .

تقول الشريف "نحن قادرات على النجاح لثلاث اسباب، أولاً أننا استخدمنا المواقع الإجتماعية، و ثانياً أننا نساء ظهرنا بأسماؤنا و صورنا و إستلمنا القيادة في القضية مع دعم الرجال لنا في الظل، و ثالثاً قمنا بتحديد تاريخ معين إذن نحن جادون فعلاً"


|سوف نقود|

بعد إطلاق النداء للقيادة في تاريخ ١٧ جون، إنهلت علينا الأسئلة و الإتهامات، بدأ الناس بالتساؤل عن المجموعة و أهدافها و لماذا إختاروا هذا التاريخ تحديداً و إن كانت المبادرة قانونية، و عندما لاحظت عضوات المبادرة أن الناس لم يستطيعوا قراءة كل ما نكتبه على الإنترنت قررنا إطلاق شئ يسهل مشاهدته و فهمه.

هذا عندما أصدرت منال الفيديو الأول تقول الشريف"جمعنا جميع الأسئلة المهمة و المكررة التي سألها الناس و أجبت عليها" و أضافت "لم أدون إجاباتي مسبقاً بل تحدثت من القلب" صورت الشريف الفيديو في الساعة ٥ صباحاً من منزلها في الظهران وهي محجبة بالحجاب الإسلامي الذي يغطي شعرها و تحدثت مبتسمة و بصوت هادئ بدأت بالتعريف عن نفسها و إختتمت البيان ذو السبع دقائق و نصف بتصريح أصبح شهيراً" كل الحكاية انو إحنا حنسوق".
تقول الشريف "العديد من الأشخاص ذكروا هذا العبارة لي" قلتها لأوضح لهم أنها ليست بالحجم الذي تتصورونه .

|فيديو انتشر كالفايروس|

قادت الشريف سيارتها مرتين قبل ١٧ جون لتشجع النساء على أن يكن جزء من المبادرة، مرة في يوم الخميس ١٩ مايو و مرة اخرى في الأحد ٢١ مايو، كانت المرة الأولى ملهمة من قبل السيدة نجلاء الحريري-٤٥سنه- التي صرحت قبل أسبوع من قيادة منال بأنه تقوم بتوصيل إبنها للمدرسة بنفسها عند عدم توفر السائق .

"تحدثت مع أخي و قلت له أني سوف أفعل شيئاً جنونياً فسألني ماهو فقلت "سوف أخرج و أقود سيارتي" فقال "أنا قادم معك لأصورك" إحتاجت شخص ما ليوثق قيادتها بالفيديو لكي يتم استخدامه كنوع من التشجيع في المبادرة الإلكترونية .

تقوم الشريف عادةً بشراء حاجيات المنزل في يوم الخميس، قررت أن لا تستقل تاكسي للمتجر، في الصباح تأخر أخوها-٢٨سنه- في النوم، لم يكن لديها أحد ليصورها، هذا عندما قامت بالاتصال بالناشطة في حقوق النساء منذ زمن طويل وجيهه الحويدر التي سبق أن إلتقتها منال مرة واحدة و طلبت منها ترك جميع إرتباطاتها لترافقها و تصورها وهي تقود، وافقت الحويدر و أصبحت الصوت الثاني في الفيديو الذي تمت مشاهدته ٧٠٠,٠٠٠ مرة في يوم واحد .

تقول الشريف "قابلتها الساعة ١٢ ظهراً و خرجنا سوياً أنا قدت وهي تصورني"
قام فريق مبادرة "سأقود سيارتي بنفسي" بتحميل الفيديو على اليوتوب في اليوم الثاني، و تفاجأت الشريف بتصدر الفيديو أكثر الفيديوهات متابعة في العالم ذلك اليوم، "أحد الزملاء أتي إلي وقال : منال شاهدت الفيديو. قلت : حسناً ؟ فقال: إنه أكثر الفيديوهات متابعة في العالم" لم أصدق ذلك .

|قلت لأخي أني أريد القيادة و المرور أمام سيارة شرطة|

بعد يومين أرادت الشريف الخروج مع إبنها ذو الست سنوات و عائلتها لتناول الغداء في مدينة الخبر حيث يقيم أخوها "أخبرت أخي أني أريد القيادة و المرور أمام سيارة الشرطة" كانت تريد معرفة كيف سوف يتعاملون معها، أوقفتها سيارة الشرطة وصفت الشريف رجل الشرطة بالرجل المهذب، كاد أن يجعلها تذهب بعد إعطائها مخالفة إلا أن شخص ما رآها و إتصل بالهيئة، أوقفت الهيئة منال و عائلتها في الشارع لمدة ساعتين، قاموا بإستجوابهم و السخرية منهم، ثم اخذوها مع أخيها لمركز الشرطة و إستدعوا لمخابرات السعودية، "في الساعة ١١ مساءً أجبروني على توقيع تعهد ثم سمحوا لي بالمغادرة" و أضافت "في الساعة ٢ بعد منتصف الليل حضروا إلي منزلي و أخذوني و في الساعة ٤:٣٠ فجراً عدت مجدداً لمركز الشرطة و خضعت لسبع ساعات متواصلة من التحقيق بدون السماح لي بالتواصل مع محامي" في الساعة ٢ ظهراً تم نقلها لسجن النساء بدون تبليغها عن وجهتها و بدون توجيه أي تهمة لها "أنا مهندسة و مستشارة و إبنة عائلة محترمة و فجأة أجد نفسي في سجن مع من إرتكبن جرائم" 



|تسعة أيام في السجن|

بعد نقلها إلى سجن النساء في الدمام إنقطعت الشريف عن العالم الخارجي "كنت معزولة تماماً عن العالم، مؤلم جداً الحديث عنه، لم اتحدث مع أي أحد عن الأمر"، عدت الشريف ١٦٧ سيدة و ١٦ طفل و ٧ زنزانات في السجن الذي تعرت فيه الإنسانية، في ليلتها الأولى لم يكن لديها مكان لتنام فيه "نمت على الأرض في أول يوم، إفترشت عبائتي و نمت عليها"، عندما حضر مدير السجن لإستلام أوراقها كان فضاً و مهيناً معها، قلت له " أريد فقط الإتصال بإبني و الحديث معه" كان هناك هاتف بجانبه، كنت أبكي و أقول "أرجوك إرحمني و دعني أتحدث مع طفلي".

يقدر أن ما يقارب المليون ومئتا ألف شخص حول العالم قاموا بتغيير صورهم الشخصية إلى صورة منال دعماً للمطالبة بحريتها، ربط صورة وجه منال مع ثورة النساء في الشرق الأوسط جعلت البعض يشير لها بأنها النسخة النسائية من تشي جيفارا، "بقيت مرتدية عبائتي تسعة أيام و كانت النساء في السجن يطلبن مني خلعها و رفضت قائلة إني سوف أخرج اليوم" تم إطلاق سراح منال بكفالة في  ٣٠ مايو.

|١٧يونيو|

ترك إعتقال منال و ما لحقة من عواقب،  الرفض الإجتماعي و الإشاعات المنتشرة بكثرة و القيل و القال فريق المبادرة في خوف من عدم إستجابة النساء للإنضمام و التفاعل للقضية، و تفاجأوا بأن إعتقالها فجر القضية، مائة سيدة أعلنت عن قيادتها في ذلك اليوم و ٤٠ إمرأة قاموا بالتصوير أنثاء القيادة و نشره في اليوتوب.

تقول منال " قالت لي إحدى الفتيات "ذهبت لأرى السجن الذي قد يأخذوني إليه، و جهزت ملابسي لذلك، ليفعلوا ما يشاءون فعله، لن اتسامح مع الظلم و نساء أخريات أخبرنني أن ما حدث جعلهن يميزن الظلم بوضوح، كانت صيح. إيقاظ للنساء السعوديات".
مع أنها ما زالت مطاردة من اللحظات التي قضتها في السجن الا أن الشريف تقول بأنها غير نادمة " لو كنت أعلم في وقتها العواقب قد اتراجع ولا أفعلها و لكني فعلتها بدون خوف و بدون تفكير، فقط فعلتها" و أضافت "غادرت السجن مرفوعة الرأس، لم أشعر بالخجل".

في بلد غير مسموح بالمظاهرات و العصيان المدني إعتقال منال الشريف أثار جدلاً "المجتمع مقسوم من النصف بشأني، البعض يقول نحن ندعم قيادة المرأة ولكن ليس بالطريقة التي تطالب بها منال، هناك قول لمارتن لوثر كينج يعجبني يقول 'تأجيل الحق هو نفي للحق' دائماً يقولون لنا لم يحن الوقت المناسب بعد .
و قامت الشريف بالمقارنة بين وضع السعودية  و الدول المجاورة لها كالإمارات حيث أشارت إلى أن كلتا الدولتان محافظة ولكن لم تواجه النساء المشاكل في القيادة هناك، "إنه محرم" تقول "إذا تحدثت عن قيادة المرأة فكأنك تتحدث عن الشيطان أو الكُفر، كنا نحتاج لنساء قياديات ليتحدثن عن هذا الموضوع المحرم، فكان علي التقدم و فعل ذلك بنفسي .

كتبت فوربس مؤخراً مقال بعنوان "ماذا يستطيع متظاهروا إحتلوا وول ستريت التعلم من النساء السعوديات" تقول الشريف إنها سبق أن تمنت ذلك، بدل أن تكون النساء السعوديات محط شفقة العالم يصبحن مركز الهام للعالم، عندما قرأت المقال علمت أننا حقاً ألهمنا العالم .



ترجــمة المقــال : هتون آل رشيــد
 Twitter | @Hutoona

مصــدر المقـــال :

http://issuu.com/mcclungs/docs/mcclungswinter2012?mode=window&pageNumber=1

الأربعاء، يناير 18، 2012

رسالة إلى رئيس "الهيئة" الجديد


مقالي اليوم فضلت أن أجعل منه رسالة مفتوحة موجهة لعبداللطيف آل الشيخ بمناسبة توليه رئاسة أكثر جهاز بالدولة احتكاكاً بالمواطنين، والأكثر إثارة للجدل في الآونة الأخيرة، «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

نعلم مدى عظم الأمانة الملقاة على عاتقكم، ومدى الآمال المعقودة باستحداث تغييرات جذرية في جهاز الهيئة ليصبوا لتطلعات المسؤولين والمواطنين على حد سواء. وكمواطنة من بلد تمثل قلب العالم الإسلامي وقدوته ومحط أنظار المسلمين، أتمنى أن تجد كلماتي طريقها إليك.

كثُرت في الفترة الأخيرة تجاوزات بعض رجال الهيئة، وأسهمت شبكات التواصل الاجتماعي في نشر هذه التجاوزات في وقت حدوثها نفسه. إذ أصبح الآن بوسع أي مواطن أن يتحول لمراسل مستقل بضغطة زر، كما لا يخفى عليك أن وسائل الإعلام العالمية أصبحت ترى في تجاوزات الهيئة مادة مثيرة وخصبة لجذب المشاهدين لما فيها من الغرابة والشراسة في بعض الأحيان،

وبما أن الخير يخص، والشر يعم، شكلت تجاوزات بعض أفراد الهيئة، وعدم وجود آلية للمحاسبة العلنية لهؤلاء المتجاوزين، صورة سلبية في أذهان شريحة كبيرة من المجتمع عما آل إليه وضعها.

حتى الآن لا نعرف على أي أساس يتم اختيار رجال الهيئة؟ فعلى رغم وجود المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجامعة أم القرى، لم نقرأ أي احصائية تشير إلى نسبة الحاصلين على هذا الدبلوم بين رجال الهيئة، الذين يمثلون جهازاً حكومياً يعدل في صلاحياته وزارة حكومية، لم نقرأ احصائية عن المستوى التعليمي لمنسوبي هذا الجهاز، نريد أن نعرف كيف يتم تدريبهم وتأهيلهم للتعامل مع المواطنين؟

يعيش في المملكة ٢٧ مليون نسمة، موزعين على «13» منطقة، تختلف في مذاهبها ولهجاتها وعاداتها وتقاليدها، وحتى في مأكلها ومشربها، ولا يختلف إثنان أن السواد الأعظم من الشعب يتمنون انتشار المعروف ودحض المنكر، ولكن أي معروف وأي منكر؟ فهل اختلاف العادات - ضمن حدود الدين - من منطقة لأخرى يعتبر منكراً؟

ما أريد قوله أنك لو جمعت أهل هذه الـ13 منطقة ليقفوا على منكر يحاربوه لاتفقوا على منكرات واضحة جلية لا مجال للخلاف العرفي أو المذهبي فيها، كالأحكام المتعلقة بالغش في البيع، وبشرب الخمر، وإيذاء الآخرين بالسحر وغيره، لكن الهيئة لا تزال لا تتفق على قائمة بالمنكرات التي تنهى عنها، فالموضوع متروك بالكامل لاجتهاد رجل الهيئة وتقويمه لما تصطاده عيناه في جولاته.

كم نتمنى أن تتغير صورة رجل الهيئة الفظ، الغليظ القلب، المتجهم الوجه، المتصيد للأخطاء، والباحث عن العثرات، لصورة رجل الهيئة المبتسم، الدمث الخلق، اللين العريكة، المتعلم والمثقف والملم بتعاليم الدين، والمتفهم لعادات وتقاليد المنطقة التي يعيش فيها، الرجل الذي كما قلت أنت: الأمر بالمعروف بمعروف والناهي عن المنكر بلا منكر.

وأخيراً.. إن مراقبة نيات الناس والتشكيك في أخلاقهم والتدخل في خصوصياتهم ومصادرة حرياتهم الشخصية بشكل دائم، يولد الشحن النفسي والقلق والتوتر والأمراض الاجتماعية، ويجعل المجتمع يعيش مضطراً النفاق الاجتماعي الذي فرضه الخوف من عصا الهيئة لا القناعة بالتحلي بالأخلاق الحميدة.

في الأثر أن عمر بن الخطاب «رضي الله عنه» رأى رجلاً يصلي صلاة خاطئة فعلمه وأمره أن يعيدها، فصلى صلاة خاطئة ثانيةً. فضربه عمر وأمره بالصلاة مرة ثالثة فصلاها صحيحة، عندها سأل عمر الرجل: «أيهما أفضل صلاتك الأولى أم الثانية؟»، قال الرجل: «صلاتي الأولى أفضل يا أمير المؤمنين»، قال عمر: «ويحك! صلاتك الخاطئة أفضل؟»، قال الرجل: «كنت أصليها خوفاً من الله، أما صلاتي الثانية صليتها خوفاً من عصاتك»، فبكى عمر.



نشر في صحيفة الحياة اللندنية يوم
الاربعاء, 18 يناير 2012


http://international.daralhayat.com/ksaarticle/351999

الخميس، ديسمبر 08، 2011

محرم لكل مبتعثة

أرسلت الملحقيات الثقافية حول العالم تعميماً عاجلاً من وزارة التعليم العالي منذ أسبوعين لجميع المبتعثات السعوديات، ذاكرة أنه «لوحظ عدم وجود محرم مع بعضهن»، ونوهت بضرورة وجود محرم معهن خلال إقامتهن في الخارج، وأعطتهن مهلة ثمانية أسابيع من تاريخ التعميم، أو تنتهي بعثتهن. التعميم جاء معتمداً على أن الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من نظام مجلس التعليم العالي تنص على «أن يرافق المبتعثة للخارج محرم لها طيلة مدة ابتعاثها».
وزارة التعليم العالي لم تذكر الطريقة التي تأكدت فيها الملحقيات من صحة ما جاء في التعميم، مع أن الإشاعة القوية التي تتناقلها المبتعثات أن المبتعثين من الجنس الآخر قدموا شكاوى سرية أن بعض المبتعثات يسكن من دون محرم.
ثم ظهرت لنا، على برنامج «يا هلا»، بسمة السناري المعيدة المتفوقة التي حرمت من الابتعاث لإكمال درجة الدكتوراة للسبب نفسه، بسمة أصابها انهيار عصبي ترك تلك الفتاة اليافعة مرتعشة الأطراف تمشي على عكاز!
تابعت بكثير من الحسرة التعليقات على هذا الخبر في مجتمع «تويتر»، الذي يمثل نبض الشارع السعودي اليوم. الشباب السعودي علقوا بأن مثل هؤلاء المبتعثات وقعن على شرط الابتعاث هذا وعليهن الالتزام بذلك، والبعض الآخر قال: وجود المحرم شيء في الشرع ولا اعتراض على شرع الله، المبتعثات ممن لا محرم لهن سُقط في أيديهن، الكثير في صدمة، وبعضهن على وشك الانهيار، لأنهن في السنة النهائية من رسالة الدكتوراه، الكثير منهن لا يوجد لهن محرم متفرغ طوال فترة الابتعاث، إذ يرتبط المحرم بعمل أو دراسة في مكان آخر، أو لديه التزامات عائلية في السعودية، وما لا يعلمه الكثير أن معظمهن «مجبرات» على الابتعاث من محل عملهن ولم يكن الابتعاث شيئاً اختيارياً، بعضهن وجدن الحل مجبرات في «زواج الابتعاث»، وهو «زواج موقت فقط لفترة الابتعاث»!
بعيداً من ردود الشارع السعودي، يجب أن يعلم الجميع من وزارة التعليم العالي إلى المؤيدين لهذا التعميم أن التعليم حق أساسي من حقوق جميع أبناء الوطن، بلا فروقات بين الجنسين. وبما أن وزارة التعليم العالي عاجزة عن توفير مقاعد دراسية أو ابتعاث داخلي لهؤلاء المبتعثات، فتوفير فرص ابتعاث خارجي لهن هو حق أساسي يجب أن تتكفل به الوزارة بلا منة وبلا تعقيدات، أما شرط وجود المحرم خلال الإقامة فهو شرط غريب، يجب أن يُعاد النظر فيه، لأنه فوق التعقيدات الناتجة عنه، فإنه لا أساس شرعي له، فالمحرم مشترط في السفر وليس في الإقامة. والأغرب أن تسافر المرأة السعودية بورقة إذن ولي الأمر التي تنوب عن المحرم ولا يسمح لها بالإقامة إلا بمحرم، هل هذه الشروط التعجيزية فعلاً تقوم على حماية المرأة؟ أم أنها قائمة على مبدأ عدم الثقة بأهليتها وأنها إنسان غير مستقل بذاته وكيانه ويجب معاملتها على هذا الأساس؟
ثم إذا كان هناك تفاهم بين المبتعثة وأهلها على دراستها في الخارج من دون محرم، فلماذا تتدخل الوزارة في فرض هذا الشرط عليهن؟ يجب أن يعود ذلك بشكل كامل لأصحاب الشأن من دون شروط إجبارية تعجيزية أضاعت الكثير من الفرص على بنات الوطن لإكمال تعليمهن، كيف تصادر الوزارة الثقة التي منحها الأهل لابنتهم؟ هناك إحصائية من وزارة التعليم العالي تُظهر أن عدد المقبولات للابتعاث تساوي عدد المقبولين، لكن العدد ينقص بشكل كبير عند إكمال الأوراق اللازمة للابتعاث عند الفتيات فقط. تدعي الوزارة أنها لا تعرف السبب!
التعليم حق أساسي لكل مواطن، وإذا استمر حرمان المزيد من الفتيات من فرص المشاركة في بناء الوطن وإكمال تعليمهن بسبب شرط المحرم، فالخاسر الأكبر هو الوطن.
twitter | @manal_alsharif



نشرت في صحيفة الحياة اللندنية 
الاربعاء، 14 ديسيمبر 2011

السبت، نوفمبر 26، 2011

بزوجك حمودي إذا كبرتوا!


نسمع (ظل راجل ولا ظل حيطة) من أمهاتنا كثيراً. فتربية بناتنا تدور كلها في فلك ايجاد رجل يكون زوجاً يهبها السعادة. نتجاهل براءتها ونقوم بإختيار زوج لها من أطفال الصديقات كان يشد شعرها أو يخطف دميتها قبل قليل: (بزوجك حمودي إذا كبرتوا)

سأعطيكم نظرة خاطفة على حوارات يومية بين أم وابنتها: "أمي، أريد الذهاب لأذاكر مع صديقتي"، "ممنوع الخروج من البيت، إذا أتزوجتي أطلعي بكيفك". "أمي، أريد أن أقص شعري"، "إذا تزوجتي قصيه". "أمي، أريد أن أدرس طب"، "وتقعدي في الجامعة ٧ سنوات وتعنسي؟". "أمي، لقيت وظيفة في المستشفى"، "إذا أشتغلتي في مكان مختلط ماراح تلاقي إلي يتزوجك". "أمي، أريد أن أقدم على البعثة"، "الناس ايش تقول علينا؟ عايشة لوحدها برة. إذا أتزوجتي روحي مع زوجك"، "لكن يا أمي أخي مبتعث"، "أخوك رجال.. الرجال شايل عيبه والبنت سمعه".

مشهد آخر:
"نسيت أقول لك. بتروحي معايه  الليلة زواج ريما، سمعت أم هاشم تدور لولدها على عروسة وبتكون هناك. يا رب يكون من نصيبك". وهنا تصر الأم أن تنافس ابنتها العروس في مساحيق التجميل والفستان والمجوهرات. وتتأكد أن ابنتها ستؤدي مهمة لفت نظر أم زوج المستقبل على أتم وجه. حيث ستتكلم بالقطارة وتوزع الابتسامات، ثم يجب أن تقوم "لترقص" حتى ترى أم هاشم ذلك القد الممشوق، والأم تدعو أن تنال ابنتها الرضا لتكون زوجة هاشم. هل أنا وحدي أرى في ذلك المنظر تقليل من شأن الفتاة وهرس لكرامتها؟

ومن البيت للمدرسة، فنعلمهن التدبير المنزلي، والتي تعني بدروس الطبخ فقط، ومادة التفصيل والخياطة بينما نعلم أقرانهن من الأولاد علوم الأرض وتقنية المعلومات. 


وهنا  نحن نمحي شخصية بناتنا، و ننشيء ذلك الرابط الخفي أنها لتعيش سعيدة يجب أن تتبع كل الشروط التي تقربها من هدف ايجاد زوج المستقبل. فتعيش الفتاة بين الخوف والرجاء، تؤجل وتعدل من خطط حياتها لتتلائم مع ما يعجب الناس ليمنحوها صكوك القبول لدخول دائرة "صالحة للزواج". وعلى الجانب الآخر ننمي في أولادنا الأنانية والإتكالية على المرأة في تصريف أمور المنزل وتربية الأولاد فقط لأن الله خلقهم ذكوراً. فهو من سيكون "سي السيد" وسيجد الزوجة التي يطوعها ويشكلها كيفما أراد. يستقيظ من النوم والأطفال جاهزين للمدرسة، يعود من عمله يتغدى وينام ثم يخرج "للقهوة" تاركاً مسؤولية تعليم الأطفال لأمهم. لا يغسل حتى طبقه الذي تعشى فيه أو ملابسه، من مبدأ "عيب أنا رجال" ونسى أن الرسو ل صلى الله عليه وسلم في بيته كان يقوم على خدمة أهله، فيخيط ثوبه ويخصف نعله. ثم يستغرب إذا احتاجت المرأة لخادمة تساعدها في الحمل الثقيل.

نسينا أن فاقد الشيء لايعطيه، فكيف لفتاة نسلبها شخصيتها المستقلة وحرية اتخاذ القرارات في حياتها التي تسعدها هي وليس الآخرين، كيف لها أن تهب السعادة لذلك الرجل؟ وماذا لو لم يأت ذلك الرجل؟ هل نؤخر سعادتها إلى أجل غير مسمى؟ هل نوقف جميع القرارات المصيرية في حياتها أملاً أن يأتي يوماً ما؟

 لو علمنا بناتنا أن السعادة تنبع من حبنا لأنفسنا كما نحن، من الاستقلالية بالفكر والعقل، من اتخاذ القرارات في حياتنا لأنها حياتنا نحن، ونحن من سيعيشها وليس الآخرين. من أن يكون لدينا في حياتنا هدف أكبر وأشمل واسمى من البحث عن زوج. لعاشت سعيدة ووهبت هذه السعادة لذلك الزوج إذا جاء، بدلاً من أن يصدمها الواقع وتنتهي الزيجة بالفشل كما هو حال أكثر من نصف الزيجات في مجتمعنا.






نُشِرت في صحيفة الحياة اللندنية
الاربعاء, 07 ديسيمبر 2011


الخميس، نوفمبر 24، 2011

تيدكس وجيل خارج الصندوق

حضرت مؤخراً مؤتمراً نظمه شباب للشباب في مدينة الخبر تحت عنوان تيدكس شباب الخبر TEDx Youth Khobar.

تيدكس هو امتداد غير رسمي للمؤتمر الرئيسي والغير ربحي تيد TED (اختصار لتكنولوجيا ترفية و تصميم)، والذي يقام بشكل سنوي في كاليفورنيا منذ العام ١٩٩٠ ميلادي. فكرة TED أن تعطي المفكرين والمبدعين منبراً لطرح أفكارهم بطريقة خلّاقة أمام جمهور يتم اختياره بعناية ليكون مرآة ناقدة للأفكار المطروحة. ويرصد جائزة سنوية نقدية لمتحدث واحد خلال المؤتمر ليتمكن من تنفيذ فكرته التي قد تغير العالم. من أشهر المتحدثين في هذه المؤتمرات أشخاص مثل بيل كلنتون، بيل جيتس ، لاري بيج (أحد مؤسسي جوجل) والكثير من  الأشخاص الحاصلين على جائزة نوبل. باختصار المؤتمر الرئيسي TED يضم النخبة من مفكري العالم حيث يعطيك الفرصة لمعرفة كيف يفكرون. والمؤتمر الفرعي تيدكس ماهو إلا محاولة لتقليد المؤتمر الرئيس، لكن بشكل محلي حيث أقيم في عام ٢٠١٠ مايقارب من ٧٥٠ مؤتمر تيدكس في أكثر من ٦٠ دولة حول العالم.

تيدكس الخبر حضره أكثر من ٥٠٠ من الجنسين. كان غالبيتهم من الشباب تحت الثلاثين وتحت العشرين أيضاً. ما شد انتباهي أن المنظمين للمؤتمر كانوا ثلاثة فقط  وكلهم تحت سن العشرين: عبدالله العقيل ١٦ ربيعاً وعبدالرحمن البواردي ١٥ ربيعاً والثالث كان ما دعاني للفخر بحق، حيث كانت فتاة في مقتبل العمر أيضاً: مها أبا حسين ١٦ ربيعاً. مها مازالت تدرس بالصف الثالث الثانوي.  وكانت أحد المتحدثين في مؤتمر تيدكس  الأخير بمدينة الرياض، والذي فاق عدد حضوره الألف وخمسمائة. حيث كان عنوان حديثها وقتها " ليس مبكراً أن تبدأ بتحقيق حلمك"، وفكرتها أن لا ننتظر لتحقيق أحلامنا بل نبدأ الآن. وأن الكلام أيضاً يلهم ويؤثر وله وقع كبير على الناس لدفعهم لتحقيق أحلامهم مهما كانت وإلا ماكانت معجزة الرسول صلى الله عليه والسلام القرآن. كان حديثها في تيدكس الرياض ملهماً للكثير مما شجعها أن تكون أحد منظمي تيدكس الخبر، كما تقول.

قالت لي مها لاحقاً أن المنظمين كانوا خمسة أشخاص، لكن لم يكن يخطر ببال أحد كمية العمل الكبيرة لتنظيم مثل هذا الحدث الذي جعل المنظمين يواصلون النهار بالليل، وانسحب اثنان وبقى ثلاثة ليكملوا رغب كل العقبات والصعاب ليروا حلمهم واقعاً. المنظمون ليس لهم أي سابق معرفة ببعض، إلتقوا في تيدكس سابق وعن طريق تويتر وفيسبوك قاموا بالتواصل مع المتحدثين والتنظيم والإعلان عن المؤتمر، وحتى جمع الاسئلة والتعليقات والتوصيات من الحضور خلال وبعد المؤتمر.

 بدأ المؤتمر بالأمر المعهود، قراءة من القرآن الكريم، بطريقة غير معهودة حين كان القاريء يقرأ من جهاز الآيفون. وتوالى المتحدثون ومعظمهم يستخدم جهاز الآيباد أو الآيفون للتواصل مع الجمهور بطريقة هادئة جداً عن طريق تويتر. والجميل أن يقرأ الجميع مايقال عن المؤتمر من آراء وتعليقات ونقاش بشكل مباشر على تويتر باستخدام هاشتاغ عمل خصيصاً لذلك #TEDxYK . مما يعطي المنظمين والمتحدثين وأيضاً الجمهور داخل وخارج القاعة قناة تواصل لحظية مدهشة و بكل شفافية و صدق، هذا إذا عرفنا أن جمهور تيدكس جمهور صعب ارضاؤه.

بالإضافة  لأن جميع ماقيل وعرض في المؤتمر من أفكار يتم عرضها في قناة مخصصة لهم على اليوتيوب. "تيدكس" كان مثال مصغر لما يمكن أن يعطيه أو يصنعه هذا الجيل لأنه أختار أن يخرج من المساحة الضيقة المعطاة لهم من الأهل والمدرسة والمجتمع ليصنع أفق واسع لا حدود ويستخدم التكنولوجيا ووسائل التواصل الإجتماعي ليبدع ويخلق أفكار تستحق الإنتشار كما هو شعار المؤتمر الأم "تيد".

في المؤتمر تلتقي بأصغر المتحدثات "نورة الجعويني" عمرها ١٣ عاماً تقول في التعريف عن نفسها "صغير هو عمري، كبيرة هي طموحي" تلتقي أيضاً بريناد العنزي خريجة تمريض وعندها براءات اختراعات وحاصلة على منحة للدراسة في أعرق جامعة في العالم "جامعة هارفارد" رغم أنها مصابة، بكل فخر كما تقول، بإضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه. أيضاً سارة الحارث الباحثة الشغوفة التي مازالت تبحث عن من يدعم بحثها وتقول: " مع أنني لم أجد من يتبنى ويمول مشروع بحثي لكنني مازلت لم أفقد الأمل". الكثير مما شاهدته ولمسته هناك ويصعب أن أسجله في مقال واحد. 


 هذا الجيل، جيل شبكات التواصل الإجتماعي، جيل شاب جداً وطموح جداً وثقته في النفس عالية. لم يتنظر تصديق الكبار بقدراته أو إذنهم لينطلق ويعطي ويبدع. هذا الجيل يستخدم التكنولوجيا وشبكات التواصل الإجتماعي كجزء لا يتجزأ من حياته اليومية، بينما يستخدمها الآخرون كدخيل أو ككمالية أو للترفيه فقط.

ورغم أن موقع تويتر يرفض اعطاءنا رقم مستخدمي الموقع من السعودية (من واقع ١٧٥ مليون مستخدم حول العالم و٩٥ مليون تغريدة يومية) لكن الاحصاءات تشير إلى أن السعوديين أكثر من يستخدم هذا الموقع في العالم حيث زاد عدد تغريدات السعوديين مؤخراً بنسبة ٤٤٠٪ بينما كانت نسبة الزيادة العالمية ٩٥٪. وأظن أن هذا مؤشر جيد كيف استطاع هذا الجيل الشباب من تطويع واستخدام هذا الموقع بطريقة فعلاً خلاقة لايصال آرائهم وتبادل أفكارهم بكل حرية بعيداً عن وسائل التواصل التقليدية. حتى أن الكثير أصبح مصدر معلوماته وأخباره اليومية عن طريق هذه الشبكات.


أستطيع أن ألخص ماشاهدته بمقولة جميلة لأحد متحدثي المؤتمر، فيصل الغامدي طالب هندسة النظم الصناعية بجامعة البترول والمعادن في حديثه بعنوان فكر داخل الصندوق: "أنت والحياة لن تبقيا كما أنتم، أحدكما سيغير الآخر".





نُشِرت في صحيفة الحياة اللندنية
الأربعاء ٣٠ نوفمبر ٢٠١١


الثلاثاء، نوفمبر 22، 2011

الإيجابي والسلبي

الإيجابي واثق، السلبي متردد

الإيجابي يطرح الحلول، السلبي يتذمر من المشاكل

الإيجابي صبور، السلبي يفقد الأمل بسرعة

الإيجابي يحافظ على ابتسامته حتى في أحلك المواقف، السلبي متجهم وعبوس

الإيجابي يركز على الهدف حتى يصل، السلبي ليس لديه هدف أو يغير أهدافه بسرعة مع أول مشكلة

الإيجابي يجد في المواصلة رغم العقبات إصرار، السلبي يجد في المواصلة مضيعة للوقت

الإيجابي يحيط نفسه بالإيجابيين والناجحين، السلبي ينفر منه الإيجابيون والناجحون

الإيجابي يتكلم قليلاً ويعمل كثيراً، السلبي يشتكي كثيراً ويعمل نادراً

الإيجابي لديه رؤية عالمدى البعيد تجعل رحلة النجاح ممتعة فلا يشعر بالتعب، السلبي
رؤيته لا تتجاوز أرنبة أنفه تجعله لايتحرك من مكانه

الإيجابي محبوب وله شعبية، السلبي يتحاشاه الناس

الإيجابي يناقش الأفكار، السلبي يناقش الأشخاص

الإيجابي يرى بصيص أمل حتى في أحلك ساعات الليل، السلبي لايرى النور حتى لو كانت الشمس في كبد السماء

الظهران
١٨ يوليو ٢٠١١